مَا هُوَ خَيْرُ مَا يَتَزَوَّدُ بِهِ الْمُسْلِمُ لِآخِرَتِهِ

مَا هُوَ خَيْرُ مَا يَتَزَوَّدُ بِهِ الْمُسْلِمُ لِآخِرَتِهِ
     اعْلَمْ أَنَّ خَيْرَ مَا يَتَزَوَّدُ بِهِ الْمُسْلِمُ لِآخِرَتِهِ هُوَ التَّقْوَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ وَقَالَ تَعَالَى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ﴾ أَىْ أَدُّوا الْوَاجِبَاتِ وَاجْتَنِبُوا الْمُحَرَّمَاتِ وَمِنْ جُمْلَةِ الْوَاجِبَاتِ تَعَلُّمُ الْعِلْمِ الشَّرْعِىِّ ﴿وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ﴾ أَىْ لِيَنْظُرِ الْمَرْءُ مَا يُعِدُّ وَيُقَدِّمُ لِآخِرَتِهِ مِنَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ. وَقَالَ الإِمَامُ عَلِىٌّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ ارْتَحَلَتِ الدُّنْيَا وَهِىَ مُدْبِرَةٌ وَارْتَحَلَتِ الآخِرَةُ وَهِىَ مُقْبِلَةٌ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُون فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ وَلا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا الْيَوْمَ الْعَمَلُ وَلا حِسَاب وَغَدًا الْحِسَابُ وَلا عَمَل رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ فِى كِتَابِ الرِّقَاقِ.
(5) اذْكُرْ أَعْظَمَ حُقُوقِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ
     اعْلَمْ أَنَّ أَعْظَمَ حُقُوقِ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ أَىْ أَعْظَمَ الْفَرَائِضِ الَّتِى أَمَرَ اللَّهُ بِهَا هُوَ تَوْحِيدُهُ تَعَالَى أَىْ مَعْرِفَتُهُ مَعَ إِفْرَادِهِ بِالْعِبَادَةِ وَأَنْ لا يُشْرَكَ بِهِ شَىْءٌ. وَمَعْرِفَةُ اللَّهِ مَعْنَاهَا مَعْرِفَةُ مَا يَجِبُ لِلَّهِ مِنَ الصِّفَاتِ كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالإِرَادَةِ وَمَعْرِفَةُ مَا يَسْتَحِيلُ فِى حَقِّهِ تَعَالَى كَالْجَهْلِ وَالْعَجْزِ وَالتَّحَيُّزِ فِى الْمَكَانِ وَالْجِهَةِ وَمَعْرِفَةُ مَا يَجُوزُ فِى حَقِّهِ كَخَلْقِ شَىْءٍ وَتَرْكِهِ فَاللَّهُ تَعَالَى يَجُوزُ أَنْ يَخْلُقَ مَا يَشَاءُ وَيَتْرُكَ مَا يَشَاءُ أَىْ لا يَخْلُقَهُ.
(6) مَا هُوَ أَكْبَرُ ذَنْبٍ يَقْتَرِفُهُ الْعَبْدُ
     أَكْبَرُ ذَنْبٍ يَقْتَرِفُهُ الْعَبْدُ هُوَ الْكُفْرُ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ أَنَّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَىُّ الذَّنْبِ أَشَدُّ قَالَ أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ (أَىْ أَنْ تُشْرِكَ بِاللَّهِ) قِيلَ ثُمَّ أَىُّ قَالَ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ مَخَافَةَ الْفَقْرِ قِيلَ ثُمَّ أَىُّ قَالَ أَنْ تُزَانِىَ حَلِيلَةَ جَارِكَ. فَالْكُفْرُ هُوَ أَشَدُّ الذُّنُوبِ عَلَى الإِطْلاقِ وَهُوَ الذَّنْبُ الَّذِى لا يَغْفِرُهُ اللَّهُ أَىْ لِمَنِ اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ إِلَى الْمَوْتِ أَوْ وَصَلَ إِلَى حَالَةِ الْيَأْسِ مِنَ الْحَيَاةِ بِرُؤْيَةِ مَلَكِ الْمَوْتِ وَمَلائِكَةِ الْعَذَابِ أَوْ إِدْرَاكِ الْغَرَقِ بِحَيْثُ أَيْقَنَ بِالْهَلاكِ كَفِرْعَوْنَ الَّذِى لَمْ يَقْبَلِ اللَّهُ تَوْبَتَهُ حِينَ أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ وَعَلِمَ أَنَّهُ هَالِكٌ لا مَحَالَةَ.