اَلْمَوتُ حَقٌّ

يقولُ اللهُ المحيِي المميتُ في كتابِهِ العظيمِ: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ المَوتِ وَإِنَّما تُوَفَّّوْنَ أُجورَكُم يَوْمَ القِيامةِ﴾ [سورة ءال عمران/ ءاية 185]. ويقولُ اللهُ الملِكُ الجبارُ: ﴿النَّارُ يُعْرَضونَ عَليها غُدُوًا وعَشِيًا ويَوْمَ تَقومُ الساعَةُ أَدخِلُوا ءالَ فِرْعَونَ أَشَدَّ العَذاب﴾ [سورة غافر/ ءاية 46].

فَالموتُ بابٌ وكلُّ الناسِ داخِلُهُ
يَا لَيتَ شِعرِي بعدَ البَابِ مَا الدَّارُ
فَالقبرُ مَعشرَ المسلِمين أوَّلُ مَنْـزِلةٍ منْ مَنازِلِ الآخِرةِ وَيرويَ عَنِ “اَلقَبرُ أنه إمَّا رَوضةٌ منْ رِيَاضِ الْجنَّةِ أوْ حُفْرةٌ منْ حُفرِ النَّارِ”.
يَـا مَن ْبدُنياهُ اشتَغَل
وغرَّهُ طُولُ الأَمَل
الموْتُ يَأتِي بغتـةً
والقبرُ صندوقُ الْعَمَل
فالمؤمنُ الكيِّسُ الفَطِنُ منْ عَمِلَ بِحدِيثِ رسولِ اللهِ “المؤمِنُ كَيِّسٌ فَطِنٌ” تَنَبَّهَ لِلأهْوالِ فلمْ تُلْهِهِ الأموالُ وأدركَ المقصودَ فاستعَدَّ لحُفرةِ الدُّودِ.
هَبْ أنَّك قدْ مَلكْتَ الأرْضَ طُرًّا
ودَانَ لَـكَ العِبادُ فَكانَ مَاذَا
أَليسَ غَدًا مَصِيرُكَ جَوْف قَبر
ويَحْشُو التُّرابُ جَوفَكَ قُلْتَ ماذا؟
فتخيَّلْ أخي المسلمُ نفسَكَ وملَكُ المَوْتِ قادمٌ إليكَ فيقُولُ لكَ أبشِرْ بِسخَطِ اللهِ وعَذابِه فيَا لهُ منْ مَوقِفٍ عَظِيمٍ، وتأمَّلْ نفسَكَ بعدَ ذَلكَ علَى الفِراشِ مَطْروحًا والأهْلُ يَبْكُونَكَ لفِراقِ الرُّوحِ فَلا تَمسَحُ دُموعَهُمْ وَلا تُدَاوِي جُرْحَهُمْ وأنْتَ مَا زلْتَ بينَهُم، مَثِّلْ لِنفْسِكَ أنَّكَ علَى المُغتسَلِ يُصَبُّ عليكَ الماءُ فَلا تَرتعِشُ ولا تَتذَمَّرُ ولا تَتأَمَّرُ وبَعدَهَا يَلُفُّونَكَ فِي الكَفَنِ ويَربِطُونكَ فلا تَسْتطِيعُ أنْ تَنفَكَّ مِنهُ، عَاجِزٌ أنْتَ، ضَعِيفٌ أنتَ، غَرِيبٌ أنْتَ، حَمَلُوكَ رَفعُوكَ صَرخُوا كَبَّرُوا هَلَّلُوا وَضعُوكَ في التَّابُوتِ لا يصبِرُ أحبُّهم لكَ أنْ تَبِيتَ

فكيفَ أراكَ في القبرِ، فكيف أراكَ والملكانِ قد قَدِما إليكَ فيقولانِ لكَ ما كنتَ تقولُ في هذا الرَّجُلِ محمَّدٍ، إنهما أسودانِ أزرقانِ مخيفانِ فهلْ تكونُ ممنْ يثبّتُهُمُ اللهُ أو ممَّنْ حقَّتْ عليهِم كلمةُ عذابِهِ. أحبابَنا الكفنُ يَلُفُّنا والقبرُ يَضُمُّنا وإلى اللهِ مرجعُنا فعلينا جميعًا بالعملِ لما بعدَ الموت.
يا نائمَ الليلِ كَيف المنامُ يطيبُ
الموتُ حقٌّ ولكنَّ الفِراقَ صَعيبُ
واعلمُوا أنَّ اللهَ تعالى قالَ: ﴿إنَّ الموتَ الذي تفرُّونَ منه فإنَّه ملاقيكم﴾ [سورة الجمعة/ءاية 8]. فلَيسَ لنَا مِنَ الموتِ حِصنٌ حَصِينٌ فكُلُّ نَفسٍ ذَائقةُ الموْتِ، أيْنَ البُروجُ المشَيَّدَةُ، أيْنَ القِلاعُ، أيْن الْحَرَسُ وَالحاشِيةُ. ﴿أينما تكونوا يُدرككُّمُ الموتُ ولو كنتُم في بروجٍ مشيدةٍ﴾. فَحَذارِ أنْ تَموتُوا علَى غيرِ الإسْلامِ، وَا أَسفَاهُ علَى مَنْ مَاتَ كافرًا، يَا لِلخُسْرانِ علَى منْ مَاتَ علَى غَيرِ الإيمانِ، خُلِّدَ فِي النِّيرانِ وحَبِطَتْ أعْمالُهُ وتَبَوَّأَ الخسْرَانَ وسَاءَتْ أحْوالُهُ ولنْ يَنفعَهُ بعدَ ذلكَ شىءٌ وسَيمكُثُ في العَذابِ. فحَافِظُوا علَى إيمانِكُمْ وإسْلامِكُمْ وتَجنَّبوا الكُفرَ بأنوَاعِه الثَّلاثةِ: الكُفرُ اللفظِيُّ: كمنْ يَسُبُ اللهَ أوْ مَلَكًا أو كِتابًا سَماوِيًّا صَحِيحًا أوِ اسْتهزَأَ بالشَّرعِ ومَعَالمِ الدِّينِ أو أحَلَّ حَرامًا ظاهرًا أو حَرَّمَ حلالًا ظاهِرًا. والْكُفرُ الفِعليُّ: كَمنْ يَرمِي المصْحَفَ في القَاذُورَاتِ أو يَدُوسُ عَليهِ أو يكتبُهُ أَوْ بَعضَ ءَاياتِهِ بِالبَولِ. والكفرُ الاعتقاديُّ: كمَنْ يعتقدُ أنَّ اللهَ لهُ بدايةٌ أو نهايةٌ أو يسكنُ جهةَ فوْقٍ أو تحتٍ أو يحتاجُ إلى أحدٍ مِنْ خلقِه أو لهُ شبيهٌ أو نظيرٌ أو يعتقدُ الكفرَ في حقِّ الأنبياءِ أو يُنكرُ الآخِرةَ أو يكذِّبُ بالقَدَرِ. فمَنْ خرجَ عنْ دينِهِ بما هو كفرٌ فليعُدْ إليهِ قبلَ أنْ يُدركَهُ الموتُ ولْيُسَارِعْ إلَى التَّشهُّدِ مُتبَرِّئًا منْ ذَلكَ الكُفرِ. وصلَّى اللهُ وسَلَّمَ علَى رَسُولِ اللهِ والْحَمدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.
‏​عِنْدَهُ فَيرْتعِشُ مِنكَ ويرضَى لكَ أن تُنْقَلَ إلى حفرةٍ.

https://web.telegram.org/a/#-1001031879780