بعض شذوذات ابن تيمية في العقائد والأحكام

بعض شذوذات ابن تيمية في العقائد والأحكام

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين وحبيب رب العالمين وعلى آله وأصحابه وأتباعه أجمعين وبعد

فهذه بعض النقاط حول بعض شذوذات ابن تيمية في العقائد والأحكام راجياً أن تنبه المسلم السني إلى بدعة الرجل ومن سلكوا مسلكه في شذوذاته من غير هدى ولا كتاب منير

1- قوله بالتشبيه والتجسيم وأنه لايوجد شرعاً أو عقلاً ما يمنع من أن يكون الله جسماً !!

قال ابن تيمية في الموافقة (1/ 62) مانصه : وكذلك قوله (لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وهو السَّمِيعُ البَصِيرُ) (سورة الشورى/11) ، وقوله (هَل تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) (سورة مريم/65)، ونحو ذلك فإنه لا يدل على نفي الصفات بوجه من الوجوه بل ولا على نفي ما يسميه أهل الاصطلاح جسماً بوجه من الوجوه)!!!!

وقال في كتابه بيان تلبيس الجهمية (1/101) مانصه : (وليس في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا قول أحد من سلف الأمة وأئمتها أنه ليس بجسم، وأن صفاته ليست أجسامًا وأعراضًا، فنفي المعاني الثابتة بالشرع والعقل بنفي ألفاظ لم ينف معناها شرع ولا عقل جهل وضلال)!!!

اذاً فابن تيمية لا يرى في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا في قول أحد من السلف ما يمنع أن يكون الله جسماً بل معنى الجسمية كما يقول ثابتة بالعقل والشرع ولذلك فإن نفيها عنده جهل وضلال !!

وهو في نفس الوقت يتوقف فتارة يثبت وتارة ينفي فيقول أن اطلاق الجسم على الله تعالى لاننفيه ولانثبته حتى ننظر في معنى الجسمية فان كان صحيحاً أثبتناه وان كان باطلاً نفيناه !

ولينظر أي منصف عاقل هل هناك معنى للجسم يجوز ويصح في حق الله تعالى فنصفه به كما يزعم ابن تيمية ؟ وهل هناك أدنى شك لدى كل مسلم أن الله تعالى منزه عن معاني الجسمية جملة وتفصيلا ؟

اذاً ابن تيمية لا يمنع من اطلاق الجسم على الله تعالى إذا كان هذا المعنى صحيحاً !

وفي المقابل نجد أن أئمة السلف نفوا كل مايوهم مشابهة الحق تعالى لخلقه من الجسمية وغيرها وعلى رأسهم الإمام أحمد الذي يدعي ابن تيمية أنه سائر على مذهبه واعتقاده فهو رحمه الله ينفي إطلاق الجسم على الله تعالى نفياً باتاً

نقل أبو الفضل التميمي رئيس الحنابلة ببغداد وابن رئيسها عن الإمام أحمد قال :

(وأنكر أحمد على من يقول بالجسم وقال: إن الأسماء مأخوذة من الشريعة واللغة، وأهل اللغة وضعوا هذا الاسم على ذي طولٍ وعرضٍ وسمكٍ وتركيبٍ وصورةٍ وتأليف والله تعالى خارج عن ذلك كله، فلم يجز أن يسمى جسمًا لخروجه عن معنى الجسمية، ولم يجىء في الشريعة ذلك فبطل.) اه

انظر اعتقاد الإمام أحمد (ص 7- 8 ) ونقله الحافظ البيهقي عنه في مناقب أحمد وغيرُه.

وهنا يظهر الفارق الجلي بين اعتقاد ابن تيمية واعتقاد السلف وعلى رأسهم الإمام أحمد الذي يدعي ابن تيمية أنه من أتباعه والحال أنه يخالفه في أكبر قضية عقيدية وهي التشبيه والتجسيم.

ولابن تيمية أقوال كثيرة في شأن التجسيم والتشبيه نكتفي بهذا .

2- طعنه في الخلفاء الراشدين والتنقيص من شأنهم

ذكر ابن حجر العسقلاني في الدرر الكامنة (1/153 : ( أن ابن تيمية خطأ عمر ابن الخطاب

في شيء وأنه قال عن عثمان أنه كان يحب المال، وأن أبا بكر أسلم شيخاً لا يدري ما يقول !!!!!

وذكر الحافظ أيضا في الدرر الكامنة : (1/114) أن ابن تيمية خطأ أمير المؤمنين عليًا كرم الله وجهه في سبعة عشر موضعا خالف فيها نص الكتاب، وأن العلماء نسبوه إلى النفاق لقوله هذا في علي كرم الله وجهه، ولقوله أيضا فيه: أنه كان مخذولا، وأنه قاتل للرئاسة لا للديانة!!!

وقد طعن ابن تيمية فيما فعله سيدنا علي كرم الله وجهه من قتال الخارجين عليه وخطأه في ذلك واعتبر أن قتاله لهم كان على الولاية وليس ديانةً فما أجرأه على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم !!

انظر ماذا قال في كتابه المنهاج : (فلا رأي أعظم ذماً من رأي أريق به دم ألوف مؤلفة من المسلمين، ولم يحصل بقتلهم مصلحة للمسلمين لا في دينهم ولا في دنياهم بل نقص الخير عما كان وزاد الشر على ما كان.)

وقال أيضاً في نفس الكتاب : (والمقصود هنا ما يعتذر به عن علي فيما أنكر عليه يعتذر بأقوى منه في عثمان فإن عليا قاتل على الولاية وقتل بسبب ذلك خلق كثير عظيم ولم يحصل في ولايته لا قتال للكفار ولا فتح لبلادهم ولا كان المسلمون في زيادة خير.)

فتأمل أيها السني المسلم كيف تجرأ ابن تيمية على سيدنا علي واتهمه في إخلاصه وأنه لم يحصل خير للمسلمين في ولايته بل زاد الشر عما كان!!

مما جعل الحافظ ابن حجر رحمه الله يعد ذلك تنقيصاً لسيدنا علي

قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان (6/319)عند ترجمة والد الحلي الذي ألف ابن تيمية كتابه منهاج السنة النبوية في الرد عليه: (وكم من مبالغة له لتوهين كلام الحلي أدت به أحيانا إلى تنقيص علي رضي الله عنه )

3- القول بعدم تحريف ألفاظ التوراة :

ذكر الحافظ أبو سعد العلائي شيخ الحافظ العراقي فيما رواه المحدث المؤرخ شمس الدين بن طولون في مخطوط عن ابن تيمية أنه قال : (إن التوراة لن تبدل ألفاظها بل هي باقية على ما أنزلت و إنما وقع التحريف في تأويلها!!!! ( انظر كتاب ذخائر القصر ( ص 96 )

لذلك قال الشيخ محمد زاهد الكوثري ( و لو قلنا لم يبل الإسلام في الأدوار الأخيرة بمن هو أضر من ابن تيمية قي تفريق كلمة المسلمين لما كنا مبالغين في ذلك و هو سهل متسامح مع اليهود يقول عن كتبهم إنها لم تحرف تحريفا لفظياً) انظر كتاب الإشفاق على أحكام الطلاق طبعة دار ابن زيدون ( ص 72 )

4- القول بقدم العالم :

وهذه المسألة أي قوله بحوادث لا أول لها من أبشع المسائل الإعتقادية التي خرج بها ابن تيمية عن صحيح العقل وصريح النقل وإجماع المسلمين، وذكر هذه العقيدة في سبعة من كتبه:

1) نقد مراتب الإجماع

2) الفتاوى

3) المنهاج

4) شرح حديث النزول

5) مجموعة تفسير لست سور (تفسير سورة الأعلى)

6) موافقة صريح المعقول لصحيح المنقول

7) شرح حديث عمران بن حصين

وكل هذه الكتب مطبوعة طبعها أتباعه الوهابية

يقول الجلال الدواني عن ذلك في كتاب شرح العضدية) : وقد رأيت في بعض تصانيف ابن تيمية القول به- أي بالقدم الجنسي- في العرش ، ومعنى قوله هذا أن جنس العرش أزلي أي ما من عرش إلا وقبله عرش إلى غير بداية وأنه يوجد ثم ينعدم ثم يوجد ثم ينعدم وهكذا، أي أن العرش جنسه أزلي لم يزل مع الله ولكن عينه القائم الآن حادث .)

قال ابن تيمية في الموافقة (2/ 75) ما نصّه : (وأما أكثر أهل الحديث ومن وافقهم فإنهم لا يجعلون النوع حادثا بل قديمًا، ويفرقون بين حدوث النوع وحدوث الفرد من أفراده كما يفرق جمهور العقلاء بين دوام النوع ودوام الواحد من أعيانه)

ويقول فيها (1/ 64) أيضا ما نصه : (فمن أين في القرءان ما يدل دلالة ظاهرة على أن كل متحرك محدث أو ممكن، وأن الحركة لا تقوم إلا بحادث أو ممكن، وأن ما قامت به الحوادث لم يخل منها، وأن ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث، وأين في القرءان امتناع حوادث لا أول لها)

5- قوله بقيام الحوادث بذات الله تعالى – والعياذ بالله –

فابن تيمية يعتقد أن الحوادث تقوم بذات الله تعالى أي أن الله تعالى لم يكن متصفاً بصفة ثم اتصف بها ولذلك يقول بأن كلام الله تعالى حروف وأصوات وأنه تعالى يصعد وينزل والعياذ بالله من هذه الطامات التي لا يقول بها مسلم عاقل

قال ابن تيمية في منهاج السنّة النبوية (1/ 224) ما نصه : (فإن قلتم لنا: فقد قلتم بقيام الحوادث بالربّ، قلنا لكـم: نعم، وهذا قولنا الذي دلّ عليه الشرع والعقل .)

6- تقسيمه التوحيد إلى توحيد ألوهية وتوحيد ربوبية

يقسم ابن تيميه التوحيد إلى قسمين : توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية , وفي مواضع أخرى يقسمه إلى ثلاثة أقسام : توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات .

و هذا التقسيم مبتدع في الدين لم يسبق إليه أحد قبل ابن تيمية فلم يقل به القرآن ولا النبي صلى الله عليه وسلم ولا أحد من الصحابة أو من العلماء إنما هو من اختلاقه وابتداعه .

وإنما قصد ابن تيمية بهذا التقسيم تكفير المتوسلين بالنبي صلى الله عليه وسلم وبأوليائه الصالحين لأنهم كما يزعم هم غير موحدين في الألوهية وان كانوا موحدين في الربوبية !!

قال العلامة المحقق يوسف الدجوي في رسالته ((نقد تقسيم التوحيد إلى ألوهية وربوبية)) : (إن صاحب هذا الرأي هو ابن تيمية الذي شاد بذكره ، قال : إن الرسل لم يبعثوا إلا لتوحيد الألوهية وهو إفراد الله بالعبادة ، وأما توحيد الربوبية وهو اعتقاد أن الله رب العالمين المتصرف في أمورهم فلم يخالف فيه أحد من المشركين والمسلمين بدليل قوله تعالى : (ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله) اهـ .

ثم قالوا : إن الذين يتوسلون بالأنبياء والأولياء ويتشفعون بهم وينادونهم عند الشدائد هم عابدون لهم قد كفروا باعتقادهم الربوبية في تلك الأوثان والملائكة والمسيح سواء بسواء ، فإنهم لم يكفروا باعتقادهم الربوبية في تلك الأوثان وما معها بل بتركهم توحيد الألوهية بعبادتها ، وهذا ينطبق على زوار القبور المتوسلين بالأولياء المنادين لهم المستغيثين بهم الطالبين منهم ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى .. بل قال محمد بن عبدالوهاب: (( إن كفرهم أشنع من كفر عباد الأوثان )) اهـ !!

ثم رد عليهم – أي العلامة الدجوي – بقوله : قولهم : إن التوحيد ينقسم إلى توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية تقسيم غير معروف لأحد قبل ابن تيمية ، وغير معقول أيضا كما ستعرفه ، وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأحد دخل في الإسلام : إن هناك توحيدين وإنك لا تكون مسلما حتى توحد توحيد الألوهية ، ولا أشار إلى ذلك بكلمة واحدة ، ولا سُمِع ذلك عن أحد من السلف الذين يتبجحون باتباعهم في كل شيء ، ولا معنى لهذا التقسيم ، فإن الإله الحق هو الرب الحق ، والإله الباطل هو الرب الباطل ، ولا يستحق العبادة والتأليه إلا من كان رباً ، ولا معنى لأن نعبد من لا نعتقد فيه أنه رب ينفع ويضر ، فهذا مرتب على ذلك كما قال تعالى : (( رب السموات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سمياً)) . فرتب العبادة على الربوبية ، فإننا إذا لم نعتقد أنه رب ينفع ويضر فلا معنى لأن نعبده.) انتهى كلام الدجوي

والحاصل أن المتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالأولياء الصالحين لم يجعلهم آلهة من دون الله بل جعلهم شفعاء له عند الله وهذا لا إنكار عليه لأن الشفاعة للأنبياء والأولياء ثابتة في الدنيا والآخرة والأدلة على ذلك كثيرة ليس هذا محل بسطها .

7- القول بفناء النار :

وهذه من أشنع وأفظع عقائد ابن تيمية وتلميذه ابن القيم اذ أن المسلمين في كل العصور قد أجمعوا على بقاء النار وخلود الكفار فيها يعلم ذلك العامي قبل العالم !!

وهذه مصادر إثبات هذا القول الفاسد على ابن تيمية :

نقل ذلك عنه تلميذه ابن القيم الجوزية في كتابه حادي الأرواح ( ص260 (

أثبت الحافظ الثقة تقي الدين السبكي على ابن تيمية وتلميذه ابن القيم هذا القول ورد عليهما برسالته المشهورة : ( الاعتبار ببقاء الجنة والنار) . والحافظ السبكي من معاصري ابن تيمية, وقد أشاد الحافظ العسقلاني برسالة السبكي وذلك في فتح الباري كتاب الرقاق باب صفة الجنة والنار.

أثبت الحافظ الثقة أبو سعيد العلائي شيخ الحافظ زين الدين العراقي على ابن تيمية هذا القول كما نقل عنه ذلك الحافظ المؤرخ شمس الدين محمد بن طولون الحنفي في كتابه ذخائر القصر في تراجم أهل العصر, والحافظ العلائي من معاصري ابن تيمية.

أثبت محمد ناصر الدين الألباني في تعليقه على كتاب رفع الأستار ) ص28 ) وغيرهم على ابن تيمية وابن القيم هذا القول الفاسد مع أنه من المتعصبين جدا لابن تيمية .

فهذه بعض شذوذاته العقائدية ذكرناها باختصار

وأما عن شذوذاته الفقهية ومخالفاته للاجماع فهي كثيرة أيضاً نذكر منها :

1- منعه التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وشد الرحال لزيارة قبره

وهذه المسألة اشتهرت كثيراً عن ابن تيمية ودرج عليها أتباعه الى الآن ولم يقل بها أحد

من علماء السلف أو الخلف كما ذكر ذلك الإمام السبكي رحمه الله

2- يمين الطلاق قال بأنه لا يقع عند وقوع المحلوف عليه بل عليه فيها كفارة يمين وهذا مالم يقل به أحد من المسلمين قبله

3- أن طلاق الحائض لا يقع وكذلك الطلاق في طهر جامع فيه زوجته

4- أن الطلاق الثلاث يردّ إلى واحدة، وكان قبل ذلك قد نقل إجماع المسلمين في هذه المسألة على خلاف ذلك وأن من خالفه فقد كفر، ثم إنه أفتى بخلافه وأوقع خلقاً كثيراً من الناس فيه

5- وأن الحائض تطوف في البيت من غير كفارة وهو مُباح لها

فهذه بعض مخالفاته وشذوذاته الفقهية

وقد ذكر شذوذات ابن تيمية الكثير من علمائه المعاصرين والذين أتوا بعده فشنعوا عليه تشنيعاً عظيماً ونبهوا الناس الى فساد معتقده وخطر أقواله فكانوا بين مكفر له ومفسق ومبدع .

وقد أشار الإمام الحافظ تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي في الدرة المضية إلى أخطاء ابن تيمية وشذوذاته فقال :

“أما بعد، فإنه لمّا أحدث ابن تيمية ما أحدث في أصول العقائد، ونقض من دعائم الإسلام الأركان والمعاقد، بعد أن كان مستتراً بتبعية الكتاب والسنة، مظهراً أنه داع إلى الحق هادٍ إلى الجنة، فخرج عن الإتباع إلى الابتداع، وشذّ عن جماعة المسلمين بمخالفة الإجماع، وقال بما يقتضي الجسمية والتركيب في الذات المقدّس، وأن الافتقار إلى الجزء -أي افتقار الله إلى الجزء- ليس بمحال ,وقال بحلول الحوادث بذات الله تعالى ، وأن القرءان محدَث تكلم الله به بعد أن لم يكن، وأنه يتكلم ويسكت ويحدث في ذاته الإرادات بحسب المخلوقات، وتعدّى في ذلك إلى استلزام قدم العالم، والتزامه بالقول بأنه لا أوّل للمخلوقات فقال بحوادث لا أول لها‍، فأثبت الصفة القديمة حادثة والمخلوق الحادث قديماً، ولم يجمع أحد هذين القولين في ملّة من الملل ولا نِحلة من النحل، لم يدخل في فرقة من الثلاث والسبعين التي افترقت عليها الأمة، ولا وقفت به مع أمة من الأمم هِمة، وكل ذلك وإن كان كفراً شنيعاً مما تَقِل جملته بالنسبة لما أَحدث في الفروع” اهـ.

وقد أورد كثيراً من هذه المسائل الحافظ أبو سعيد العلائي شيخ الحافظ العراقي، نقل ذلك المحدث الحافظ المؤرخ شمس الدين بن طولون في ذخائر القصر (ص/69، مخطوط) قال ما نصه:

“ذكر المسائل التي خالف فيها ابن تيمية الناس في الأصول والفروع، فمنها ما خالف فيها الإجماع، ومنها ما خالف فيها الراجح من المذاهب، فمن ذلك: يمين الطلاق، قال بأنه لا يقع عند وقوع المحلوف عليه بل عليه فيها كفارة يمين، ولم يقل قبله بالكفارة أحد من المسلمين البتة، ودام إفتاؤه بذلك زماناً طويلاً وعظم الخطب، ووقع في تقليده جم غفير من العوام وعم البلاء. وأن طلاق الحائض لا يقع وكذلك الطلاق في طهر جامع فيه زوجته، وأن الطلاق الثلاث يردّ إلى واحدة، وكان قبل ذلك قد نقل إجماع المسلمين في هذه المسألة على خلاف ذلك وأن من خالفه فقد كفر، ثم إنه أفتى بخلافه وأوقع خلقاً كثيراً من الناس فيه. وأن الحائض تطوف في البيت من غير كفارة وهو مُباح لها… وأن الصلاة اذا تركت عمداً لا يشرع قضاؤها…

ومن المسائل المنفرد بها في الأصول مسألة الحسن والقبح التي يقول بها المعتزلة، فقال بها ونصرها وصنف فيها وجعلها دين الله بل ألزم كل ما يبنى عليه كالموازنة في الأعمال…

وأما مقالاته في أصول الدين فمنها: إن الله سبحانه محل الحوادث، تعالى الله عما يقول علواً كبيراً. وإنه مركب مفتقر إلى ذاته افتقار الكل إلى الجزء. وإن القرءان محدث في ذاته تعالى. وإن العالم قديم بالنوع ولم يزل مع الله مخلوق دائماً، فجعله موجباً بالذات لا فاعلاً بالاختيار، بسحانه ما أحلَمه. ومنها قوله بالجســــــمية والجهــــــة والانتقــــــال وهو مـــــــــردود.

وصرح في بعض تصانيفه بأن الله تعالى بقدر العرش لا أكبر منه ولا أصغر، تعالى الله عن ذلك، وصنف جزءاً في أنه علم الله لا يتعلق بما لا يتناهى كنعيم أهل الجنة، وأنه لا يحيط بالمتناهي، وهي التي زلق فيها بعضهم، ومنها أن الأنبياء غير معصومين، وأن نبينا عليه وعليهم الصلاة والسلام ليس له جاه ولا يتوسل به أحد إلا يكون مخطئاً، وصنف في ذلك عدة أوراق. وأن إنشاء السفر لزيارة نبينا معصية لا يقصر فيها الصلاة، وبالغ في ذلك ولم يقل بها أحد من المسلمين قبله. وأن عذاب أهل النار ينقطع ولا يتأبد حكاه بعض الفقهاء عن تصانيفه. ومن أفراده أيضاً أن التوراة والإنجيل لم تبدل ألفاظهما بل هي باقية على ما أنزلت وإنما وقع التحريف في تأويلها، وله فيه مصنف، هذا ءاخر ما رأيت، وأستغفر الله من كتابة مثل هذا فضلاً عن اعتقاده”. اهـــــ.