سؤال: ما هي الأسباب الخمسة التي تجعلنا نُقدم الرؤية العيانية على الحساب الفلكي في إثبات الصيام لشهر رمضان ؟

سؤال: ما هي الأسباب الخمسة التي تجعلنا نُقدم الرؤية العيانية على الحساب الفلكي في إثبات الصيام لشهر رمضان ؟

الجواب

مهما صدر من مؤسسات الأرصاد الفلكية في ما يتعلق باستحالة رؤية الهلال بعد مغيب شمس يوم التاسع والعشرين, فإن هذا لا ينبغي أن يجعلنا نعدِل عن ترائيه والسعي إلى استكشافه في الوقت المنصوص عليه في الحديث النبوي المشهور لخمسة أسباب:

1-

الأول: لأن في حالة كون الأرصاد الجوية جزمت بالإمكانية العلمية لرؤيته لكونه بحسب الحساب الفلكي يولد بعد مغيب شمس التاسع والعشرين, ثم حال بيننا وبين رؤيته غيوم وسحب, فإن الفيصل في المسألة في إثبات الشهر هي الرؤيا العيانية وليس الخبر العلمي لولادته, وبالتالي فالعكس صحيح كذلك, فإذا ثبت فلكيا عدم احتمال ولادة الهلال في يوم التاسع والعشرين فإن إثبات الصيام من عدمه متوقف على ترائيه بالمعاينة لا بولادته أو وجوده

2-

الثاني: لأن عملية ترائي الهلال هي فرض كفائي على المسلمين في البلاد و المدن ولو مع وجود الغيوم, فإذا تراخى أهل البلد عن

ترائيه لغير عذر, أثموا كلهم لتركهم فرضا كفائيا أمرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته…. الحديث

3-

الثالث: لكونه أمرا لا يتم الواجب إلا به, ومالا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

4-

لأن مناط الصوم والفطر والحج برؤية الأهلة لا بوجودها. فالحكم معلق على الرؤية وهي ممكنة للجميع بخلاف الحساب فهو محصور في قلة من الناس، فإذا توقف الأمر على قلة قليلة من الناس لضاق الأمر، والشرع مبني على ما يعلمه الجماهير. والناس فيهم العالم وفيهم الفطن وفيهم الجاهل وفيهم الغافل، وكلهم يشترك في المشاهدة، فكانت المشاهدة العنصر المشترك بين اختلافات الناس، والأكثر يسرا لعموم المكلفين.

قال عليه الصلاة والسلام : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته… الحديث

5-

الخامس: ماذا لو صرح لنا جميع الأطباء الذين لا يشق لهم غبار ويشهد لهم القاصي والداني بالعلم والكفاءة والنباغة، ماذا لو صرحوا بأن فلانا استشرى المرض في بدنه وانتشر ولم يعد له في هذه الدنيا إلا سويعات قليلة ثم يفضي إلى ما قدم و أن الأفضل أن يُرَدَّ الى بيته وأن تنزع عنه الآلات والأدوية لأنها أضحت بمثابة من يحرث في البحر ولأن بدنه لم يعد يتجاوب معها، ماذا تُرانا نفعل، هل كل هذه الإشارات والمعطيات العلمية الدقيقة المستمدة من أكثر الناس تأهيلا من حيث اختصاصهم العلمي, هل تسمح لنا أن نباشر تقسيم التركة التي سيتركها بعد وفاته الشبه متحققة وأن نُطلق القول بأن لفلان سهم من التركة بقدر كذا ولفلانة بقدر كذا وأن ذوي الارحام يرثون بالتعصيب قدر كذا وكذا…. هل هذا التمشي يجوز إطلاقه والعمل بمقتضاه بذريعة ما أدلى به الأطباء وهم في مقام العلماء في اختصاصهم من شبه يقين وفاته؟؟

المستفتَى في هذا لن يجيب إلا بجواب واحد لا غير: لا تقسم التركة الا بعد أن يهلك الهالك ولو مع يقين الأطباء بقضائه وعدم امكانية تماديه في الحياة الا لسويعات قليلة، فواقع الحال والشرع يُغَلَّبان في هذه الحالة عن كلام العلماء القريب من اليقين والفتوى تكون على حسب القواعد الشرعية وليس وفاقا لكلام علماء الطب بلا قيود ولا خطوم!!

كذلك قضية رؤية الهلال تندرج ضمن السياق نفسه، فحتى لو تيقن علماء الفلك استحالة ظهوره بعد مغيب الشمس، فهذا لا يعني عدم وجوب مراقبته فضلا عن إطلاق القول بأن يوم الغد ليس من رمضان، لأن بهذه الطريقة لم يعد للشرع حاجة وصار الحساب أصلا والمراقبة استئناسا والحق أن يكون الشرع هو الأصل والحساب للاستئناس.. فالرجاء كل الرجاء أن يكف البعض عن الخوض في مالا حاجة للخوض فيه لكونه ليس محل اجتهاد ولا نظر, وليعلموا أن العبرة برؤية الهلال لا بولادته…

#مهدي_شطورو

https://www.facebook.com/mehdi.chtourou.12