علومَ اللغة العربية من أشرف العلوم وأفضلها وأعظم آلاتها وأكملها

الحمدُ للهِ رَبِّ العالمين والصَّلاة والسَّلام على سيِّدِنا محمّد وعلى ءاله وصحبه الطّيبين الطّاهرين

وبعد، فإنّ علومَ اللغة العربية من أشرف العلوم وأفضلها وأعظم آلاتها وأكملها، إذ بها يفهم القرءان الكريم، وبفهمه تحفظ قواعد الدِّين المتين، على أنه ينبغي أن يعلم أن المقصود علم الآلة وإلا فعلم التّوحيد لا يقدم عليه شىء.

وبالنّحو صلاح اللسان، فقد قال إمامُ النحو ابن مالك في الكافية الشّافية في النحو: وبعد،

فالنحو صلاح الألسنة
والنّفس إن تعدم سناه في سنه

به انكشاف حجب المعاني
وجلوة الفهوم ذا إذعان

وكل علم فسوى موات
إلا مع الإتقان للآلات

كالنحو والتصريف والمعاني
وعلمي المنطق والبيان

ولكن لأهم علم النحوِ
لا سيّما الذي لصرف يحوي

ويُروى عن الكسائي أنه أنشد فقال:

إنما النحوُ قياسٌ يُتَّبعْ
وبه في كلِّ أمرٍ ينتفعْ

وإذا ما أبصرَ النحوَ الفتى
مَرَّ في المنطق مرًا فأتسعْ

وإذا لم يعرف النحوَ الفتى
هابَ أن ينطقَ جبنًا فانقمعْ

يقرأ القرآنَ لا يعلمُ ما
صرفَ الإعرابُ فيه وصنعْ

فتراهُ يخفضُ الرفعَ وإن
كان من نصبٍ ومنْ خفضٍ رفعْ

ومما يؤكد على ما ذهبنا إليه من وجوب تعلم العربية ما قاله الأصمعي: (إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل فيما قال النَّبيُّ ﷺ: “من كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النّار”، لأنّه عليه الصّلاة والسّلام لم يكن لحانًا ولم يلحن في حديثه فمهما رويت عنه ولحنت فيه كذبت عليه).

وروي عن أبي زيد النحوي أنه قال: “قال رجل للحسن البصري: ما تقول في رجل ترك أبيه و أخيه؟ قال الحسن: ترك أباه وأخاه (يصحح له) فقال الرجل: فما لأباه وأخاه (أي من الحق) فقال الحسن: فما لأبيه وأخيه (يصحح له أيضا) فقال الرجل للحسن: أراني كلما تابعتك خالفتني”!!. 

والنحو في اللغة له ستة معانٍ:

1- القصد: ويقال: نحوت نحوك، أي قصدت قصدك.

2- الجهة: ويقال: توجهت نحو البيت أي جهة البيت.

3- القِسم: وتقول هذا على أربعة أنحاء أي أقسام.

4- التبعيض: نحو: أكلت نحو السمكة، أي بعضها.

5- المثل: يقال: مررت برجل نحوك، أي مثلك.

6- المقدار: يقال: عندي نحو ألف دينار. أي مقدار ألف.

واصطلاحًا: علم يبحث فيه عن أحوال أواخر الكلم إعرابًا وبناء.
وحكمه: الوجوب الكفائي، ووجوب عيني في مواضع. وموضوعه: الكلمات العربية.

أما فائدته: فهي صيانة اللسان عن الخطأ في الكلام والاستعانة به على فهم القرءان وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم.