لا تَزُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَدَمَا عَبْدٍ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ، عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ أَخَذَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ

لله تعالى
من دروس الإمام ١٢٦
قال الإمام الشيخ عبد الله الهرري رحمه الله وغفر له ولوالديه

رَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَالتِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا تَزُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَدَمَا عَبْدٍ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ، عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ أَخَذَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ». (الأَنْبِيَاءُ لا يُسْأَلُونَ هَذِهِ الأَسْئِلَةَ الأَرْبَعَةَ إِنَّمَا يُسْأَلُونَ لإِظْهَارِ شَرَفِهِمْ : «هَلْ بَلَّغْتُمْ». الْمَعْنَى أَنَّ الإِنْسَانَ لا تَزُولُ قَدَمَاهُ عَنْ مَوْقِفِ الْحِسَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ أَرْبَعٍ، يُسْأَلُ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، أَيْ مَاذَا عَمِلْتَ مُنْذُ بَلَغْتَ [وَأَصْبَحْتَ مكلفا]، أَدَّيْتَ مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَاجْتَنَبْتَ مَا حَرَّمَ عَلَيْكَ؟ فَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ نَجَا وَسَلِمَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَ ذَلِكَ هَلَكَ، وَيُسْأَلُ عَنْ جَسَدِهِ فِيمَا أَبْلاهُ، فَإِنْ أَبْلاهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ سَعِدَ وَنَجَا مَعَ النَّاجِينَ، وَإِنْ أَبْلَى جَسَدَهُ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ خَسِرَ وَهَلَكَ، وَيُسْأَلُ عَنْ عِلْمِهِ مَاذَا عَمِلَ فِيهِ، أَيْ يُسْأَلُ هَلْ تَعَلَّمْتَ عِلْمَ الدِّينِ الَّذِي فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، لأِنَّ الْعِلْمَ الدِّينِيَّ قِسْمَانِ، فَمَنْ تَعَلَّمَ الْقِسْمَ الضَّرُورِيَّ وَعَمِلَ بِهِ سَعِدَ وَنَجَا، وَمَنْ أَهْمَلَ الْعَمَلَ بَعْدَ أَنْ تَعَلَّمَ خَسِرَ وَخَابَ وَهَلَكَ، وَكَذَلِكَ مَنْ لا يَتَعَلَّمُ فَهُوَ أَيْضًا مِنَ الْهَالِكِينَ. قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «وَيْلٌ لِمَنْ لا يَعْلَمُ، وَوَيْلٌ لِمَنْ عَلِمَ ثُمَّ لَمْ يَعْمَلْ». وَالْوَيْلُ هُوَ الْهَلاكُ الشَّدِيدُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ أَخَذَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ». فَمَعْنَاهُ أَنَّ الإِنْسَانَ يُسْأَلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنِ الْمَالِ الَّذِي فِي يَدِهِ فِي الدُّنْيَا، فَإِنْ كَانَ أَخَذَهُ مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ الْحَرَامِ، لا يَكُونُ عَلَيْهِ مُؤَاخَذَةٌ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مَا أَنْفَقَهُ فِيهِ أَمْرٌ أَبَاحَهُ الشَّرْعُ. فَالنَّاسُ فِي أَمْرِ الْمَالِ ثَلاثَةُ أَصْنَافٍ: اثْنَانِ هَالِكَانِ وَوَاحِدٌ نَاجٍ. فَالْهَالِكَانِ أَحَدُهُمَا الَّذِي جَمَعَ الْمَالَ مِنْ حَرَامٍ وَالآخَرُ الَّذِي جَمَعَهُ مِنْ حَلالٍ ثُمَّ َصَرَفَهُ فِي الْحَرَامِ، وَكذَلِكَ الَّذِي يَصرِفُهُ فِي الْحَلالِ لِلرِّيَاءِ هَالِكٌ. اهـ
رحم الله من كتبه ومن نشره
https://t.me/majalisalhuoda

الدعاء لي ولوالديا بالخير بارك الله فيكم