3  وقعة اليرموك

 3  وقعة اليرموك

الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيدنا محمّد الصّادق الأمين، ورضي الله عن أمّهاتِ المؤمنين وءالِ البيت الطاهرين وعن الخلفاءِ الراشدين أبي بكرٍ الصدّيق وعمرَ الفاروق وعثمانَ ذي النورين وعلي الْمُرْتَضى وعن الأئمة المهتدين أبي حنيفة ومالكٍ والشافعيِ وأحمدَ وعن الأولياءِ والصالحين أما بعد اجتمعت عساكر أبي عبيدة بنِ الجرّاح باليرموك، وكانوا نحوَ ستةٍ وثلاثين ألفًا، وجيشُ هرقل يومئِذ مائتان وأربعون ألفا. فكتبوا إلى أبي بكرٍ يخبرونه ويطلُبون أن يَمُدّهم فكتب أبو بكرٍ إلى خالدِ بنِ الوليد أن يَستخلِف على العراق الْمُثنّى بنَ حارثة وأن يتوجه بمن معه إلى الشام، وجعله أميرًا على جيوش الشام بدل أبي عبيدة بنِ الجرّاح وأمره بالإسراع، فتوجّه سيفُ الله خالدُ بن الوليد ووصل إلى اليَرموك، فالتحم القتال واشتدّت الحرب ودامت المعركةُ ستةَ أيام، حتى أنزل الله نصره. وانتهت هزيمة الروم إلى هرقل وكان بحمص فخرج منها نهائيًا وقلبُه ينفطرُ حزنا، وقد ترتّب على هذا النصر العظيم أن استقر المسلمون في بلاد الشام واستكملوا فتح مدنه جميعًا، ثم واصلوا مسيرة الفتح إلى الشَّمال الإفريقي. وبينما المسلمون في وقعة اليرموك حضر بريدٌ من المدينة المنورة أخبر خالدَ بنَ الوليد أنّ الخليفةَ أبا بكر رضي الله عنه قد تُوفي وقد استَخلَفَ عمرَ بنَ الخطاب رضي الله عنه، فلم يُعلم أحدًا بالخبر لانشغالهم بالقتال. وكانت وفاة أبي بكر الصديقِ رضي الله عنه في السنة الثالثةَ عشرةَ من ليلةِ الثلاثاء لسبعٍ بَقَيْنَ من جُمادى الآخرةِ عن ثلاثٍ وستين سنةً من عمره. وكانت خلافته رضي الله عنه سنتين وثلاثةَ أشهرٍ وثلاثةَ عشرَ يومًا. ودُفن في بيت عائشةَ ورأسُه عند كتفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان أبو بكر رضي الله عنه لما مرض جمَع عنده طلحةَ وعثمانَ بنَ عفان وعبدَ الرحمن بنَ عوف وغيرَهم من كبار الصحابة وأخبرهم أنه يرى أن يكون عمرُ بنُ الخطاب خليفةً، فاستحسنوا ذلك وأثنَوا على رأيه فأشرف على الناس وأخبرهم بأنه قد استخلَف عمرَ بن الخطاب وأمرَهم بالسمع والطاعة، ثم دعا عثمانَ بنَ عفان وقال له: اكتب، ثم أمره فختمه بخاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج به عثمانُ وقرأه على الناس فبايعوا عمرَ بنَ الخطاب ورضُوا به. وذكر أهلُ العلم والتواريخِ والسِيَر أنّ أبا بكرٍ شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا وجميعَ المشاهد وثبت مع رسول الله يوم أحد حين انهزم الناس ودفعَ إليه رسول الله رايتَه العُظمى يومَ تبوك وأنه كان يملك يوم أسلم أربعين ألف درهم فكان يُعتِق منها ويُقوّي المسلمين فجزاه الله عن المسلمين خيرًا ورضي الله تعالى عنه وحشرنا في زمرته وأماتنا على محبّته وجعلنا من أتباعه. وهكذا نصِل ُإلى نهاية حلقتنا هذه لنحدثَكم في الحلقةِ القادمةِ من سلسلةِ مختصر سيرة الخلفاء الراشدين عن عمرَ بنِ الخطابِ أميرِ المؤمنين ثاني الخلفاء الراشدين وثاني أفضلِ البشر بعد الأنبياء وأبي بكر فتابعونا وإلى اللقاء.