تحقيق في مسألة لازم المذهب

  المقدمة الرابعة

تحقيق في مسألة لازم المذهب

فإذا تبينت فحوى هذه المقدمات الثلاث نكون وصلنا إلى المقدمة الرابعة، وهي مما يشكل على بعض الناس بسبب ما تردد على الأذهان من وجود خلاف في لازم المذهب هل هو مذهب أم ليس مذهبا، نعم إن المسألة خلافية، قال بعض: لازم المذهب مذهب، وقال بعض: لازم المذهب ليس مذهبا، ولكن لتتضح هذه المسألة نحتاج للإجابة عن ثلاثة أسئلة:

الأول: ما معنى لازم المذهب مذهب؟

الثاني: وأين محل الاتفاق ومحل الخلاف؟

الثالث: مَنْ مِنَ العلماء بيّن هذا التفصيل؟

فأما الأمر الأول: فهو فهم معنى قولهم: (لازم المذهب مذهب):

ولنقف على إيضاحها كلمة كلمة، وهي ثلاث كلمات، وبيانها كما يلي:

أولها لفظة لازم: وهو (في اللغة من الملازمة للشىء والدوام عليه، وهو أيضا الفصل في القضية، فكأنه من الأضداد)[(829)]، (والفِعل لَزِم يَلزم، والفاعل لازم والمفعولُ به ملزوم)[(830)]، وأنت تقول: (لازمُ الخبَرِ احتمال الصدق والكذب)[(831)]، حيث يرد احتمال هذا وهذا على الخبر، (وكل شىء لازم شيئًا فقد استصحبه)[(832)].

وجاء في (تفسير قول الله تعالى: {…فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا *} [(833)] أنه عنى به يومَ بدر، جاء أنه لوزم بين القتلى لِزامًا، وتأويله فسوف يكون تكذيبُكم لزامًا يلزمكم، فلا تُعطَونَ التَّوبة وتلزمكم به العقوبة، فيدخل في هذا يومَ بَدر وغيره مما يلزمهم من العذاب.

وقال أَبو عُبَيدة: {…فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا *} فَيصَلاً، وهو قريب مما مر، قال الهُذَليّ:

فإِما يَنجُوَا من حَتْفِ أَرْضٍ

فقد لقيَا حُتُوفهما لِزامَا

وتأويلُ هذا أن الحتْف إذا كان مقدَّرًا فهو لازم، إن نجا من حَتْفِ مكانٍ فإن الحتف وهو الهلاك أي الموت لزامًا واقع بهما في المآل، وشَرٌّ لازِب ولازم دائم، ولازم جاريته إذا عانقها ملازمة)[(834)].

أو تقول: ( الملازمة لغة: امتناع انفكاك الشىء عن الشىء، واللزوم والتلازم بمعناه.

واصطلاحا: كون الحكم مقتضيا لحكم آخر على معنى أن الحكم بحيث لو وقع يقتضي وقوع حكم آخر اقتضاء ضروريا، كالدخان للنار في النهار، والنار للدخان في الليل)[(835)]. ولا يخفى أن المقصود هنا هو فهم اللازم أي ما يلزم من اللفظ الذي تكلم به المتكلم، وأن (هذا الفهم إنّما يحصل بواسطة اللّفظ الدّال على الملزوم، لأنّ الذّهن ينتقل من اللّفظ إلى معناه ومن معناه إلى اللّزوم)[(836)].

فاللازم في المحصلة هو ما يتبع الشىء ويمتنع انفكاكه عنه، ولذلك قالوا: لازم المذهب مذهب.

وثانيها: لفظة المذهب:

في اللغة: (ذهب الذَّهابُ السَّيرُ والمرور، ذهب يَذهَب ذَهابًا وذُهوبًا فهو ذاهب وذَهُوب، والمَذهَبُ مصدر كالذَّهاب، وذَهَب به وأَذهَبَه غيره أَزالَه، وقالوا: ذَهَبتُ الشَّامَ فعَدَّوهُ بغير حرف، وإن كان الشامُ ظرفًا مخصوصًا، شَبَّهوه بالمكان المُبهَم، إذ كان يقع عليه المكانُ والمَذهَبُ، والمَذهَب المُتَوَضَّأُ لأَنَّه يُذهَبُ إليه، وفي الحديث: أَنَّ النبي صلى اللّه عليه وسلّم «كان إذا أَراد الغائطَ أَبعَدَ في المَذهَب”[(837)] وهو مَفعَلٌ من الذَّهاب، والمَذهَبُ المُعتَقَد الذي يُذهَبُ إليه، ويقال: ذَهَبَ فُلانٌ مَذهَبًا حَسَنًا، وقولهم: به المُذْهِب، يَعنون الوَسوَسَة في الماء وكثرة استعماله في الوُضوء)[(838)].

فالمذهب لغة: يشمل (محل الذهاب وزمانه، والمصدر والاعتقاد والطريقة المتسعة، ثم استعمل فيما يصار إليه من الأحكام)[(839)].

ويقال: (المذهب الكلامي: وهو أن يورد حجة للمطلوب على طريق أهل الكلام، بأن يورد ملازمة، ويستثني عين الملزوم أو نقيض اللازم أو يورد قرينة من القرائن الاقترانيات لاستنتاج المطلوب، مثاله قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا… *} [(840)] أي الفساد منتف فكذلك تعدد الإلهية منتفية، وقوله تعالى أيضًا: {…فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لاَ أُحِبُّ الآفِلِينَ *} [(841)] أي الكوكب آفل، وربي ليس بآفل، ينتج من الثاني الكوكب ليس بربي)[(842)].

فيكون المعنى إجمالا: لازم المذهب مذهب أي أن ما يتبع المذهب أي القول الذي ذهب إليه الشخص يمتنع انفكاكه عنه، لأنه يُفهَم من قوله أو يمكن انفكاكه لوقوع الاحتمال في لفظه، على ما مر بيانه في المقدمة الثانية.

الثاني: فأين محل الاتفاق ومحل الخلاف؟

بعد أن ذكرنا معنى اللازم في لازم المذهب، وأن المقصود بلازم المذهب: ما يتبعه ولا ينفك عنه، يمكن القول: إن ثمة تفصيل يدخل المسألة، وهو أن اللازم قد يكون واضحًا بينًا وقد يكون خفيًا:

فاللازم البين الواضح هو الذي لا يحتاج في إثبات لزومه لغيره إلى دليل.

وأما اللازم الخفي فهو الذي يحتاج في إثبات لزومه لغيره إلى دليل.

فإذا في قولهم: لازم المذهب مذهب أو ليس مذهبا شىء لا بد من التنبيه عليه، وهو قيد لازم بالمعنى الذي بيناه قريبا، لينكشف الفرق ويتضح، وإلا فالإطلاق فيه لا يستقيم، إذ أن المتخاطبينِ يميزان حالة تخاطبهما وتحدثهما بأنه لا بد من فرق بين ما هو صريح من الكلام بحيث يفهم السامع المعنى بمجرد الإفصاح بالتصريح أو بالتضمين كما مر بيانه، وهو ما لا يقدر في العادة أن يتهرب الشخص من التزام لازمه الذي لا ينفك عنه معنى الكلام وإلا عدّوه كاذبا أو مذبذبا مترددا غير متزن، ولذلك وقع التمييز بين أهل العقل والفهم وبين غيرهم، وإذا كان الأمر كذلك فقد بقي ما يمكن أن يقع في أثناء الحديث ما يشكل أو يحتمل على السامع لأسباب منها: سبق اللسان أو الزلل، أو وقوع الاحتمال في الكلام لأن اللغة تسوغ أكثر من مقصود لبعض الكلمات، ولم يتضح من السياق، ومع ذلك يقع بعد ذلك التفاهم بسبب وضوح أو تقارب المفردات اللغوية التي يستعملها المتخاطبانِ، وهو ما يمكن التمثيل عليه بما يسمونه اليوم توصيات المؤتمرات حيث يقع الاتفاق على مضامين ومقاصد معلومة للمؤتمرين والمجتمعين، إلا أن وضع الصياغة النهائية هي ما تحتاج من أهل الاختصاص باللغة والخبرة والمعرفة بالمصطلحات الحديثة التي تختلف باختلاف نوع تلك المؤتمرات من سياسية إلى طبية إلى هندسية إلى نقابية إلى غير ذلك، وبهذا المثال ربما يتضح الفارق بين اللازم وغير اللازم الذي يمكن أن يعبر عنه بعبارة أخرى بلفظ الصريح من الكلام الذي يفهم السامع لازمه ومعناه وبين غير الصريح من الكلام، وهو المحتمل الذي يحاول أحيانا بعض المتحدثين أن يناور به ليتخلص ربما من إجابة مباشرة يراد استخلاصها منه، وإذا تم بيان هذا التقريب فلنعد إلى بيان هذا الفارق بالآتي:

الأول: أن يقال: إن اللازم إن كان بينا أي صريحًا على ما سبق بيانه في المقدمة الثانية فلا بد أن يكون مذهبا لصاحبه ، هذا إن كان يفهم ويعي ما يقول كما سبقت الإشارة إليه، (لأن الألفاظ قوالب المعاني وموضوعة لها، والمعاني إنما تؤخذ من الألفاظ وإلا لما ثبت كفر أحد ولا إيمانه، مع أن العلماء والعقلاء اجتمعوا على أن مذاهب الرجال إنما تعرف من كلامهم في كتبهم) أو أقوالهم، (وإلا فقد الأمن من كل شىء)[(843)].

(وصرف الكلام عن ظاهره وجواز تأويله وحمله على المجاز إنما يحكى إذا لم يصرح المتكلم أن مقصوده حقيقة الكلام، ولم يقم على إثباتها البرهان، فعند التصريح وإقامة الدليل على إثبات مفهومه الصريح يصير محكما في إفادة الحقيقة غير قابل للتأويل وحمله على المجاز، وذلك كتصريح الملاحدة الوجودية بأن الله تعالى هو الموجود المطلق المنبسط في الظاهر، ثم تلفيقهم المغالطة في صورة البرهان على إثباته، ثم تفريعهم عليه بأن كل من عبد الأصنام فقد عبد الله، وكل من ادعى الألوهية فهو صادق في دعواه، فلذلك بعدما صار محكما بالتصريح وإقامة الدليل لا يقبل التجوز والتأويل.

وبهذا يظهر لك بطلان ما يقوله الذابون عن هؤلاء الملاحدة أن ليس مراد الوجودية ما تفهمه العامة بل لهم تأويل لا يفهمه إلا الخاصة، انتهى.

وقولهم: «لعل له تأويلا» عين الفساد في الدين أن يتكلم شخص بكلام هو كفر وإلحاد في ملة الإسلام، ويرغب فيه ويدعو إليه، ثم يقال لعل له تأويلا عند أهل الباطن، وهل باطن دين الإسلام يخالف ظاهره؟!

فإن قالوا: كلاهما حق، يقال لهم: هذا مخالف لقوله تعالى: {…فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ… *} [(844)]، وأيضا مخالف لإجماع المسلمين أن الحق واحد في الاعتقاديات التي يكفر مخالف الحق فيها)[(845)].

وقد مر معنا أن الصريح من الألفاظ لا يؤول، بل مدار الحكم فيه على الأفهام لا على القصود والنيات. ولا يخفى ما في أصول الفقه من البيان أن الأصل في الكلام الحقيقة، وأن النص القطعي لا مجال فيه للاجتهاد فهو ليس كالمحتمل. ولا يخفى ما في الفقه من مثال واضح كما في ألفاظ الطلاق والعتاق الصريحة التي لا تحتاج إلى نية في مقابل ألفاظ الكناية التي تحتاج إلى نية من القائل، وإلا لم يقع الطلاق ولا العتاق، ثم لو جاز تأويل كل لفظ لجاز تأويل كلام اليهود في قولهم عزير ابن الله وهو كفر صريح كما لا يخفى.

وهكذا فيما نحن بصدده فإن العبرة في الألفاظ الصريحة بفهم الشخص لا بقصده، وقد رد بعض المعاصرين وهو الشيخ محمد الحامد الحموي على من حملوا سورة الفيل بأن هلاك القوم كان بمرض الجدري لا بالحجارة التي رمتهم بها الطيور كما هو معلوم عند أصغر الطلاب وأقربهم عهدا بالقراءة، فحكم بكفرهم، فسئل: ألا ينفع هذا المتأول تأويله ويخرجه من الكفر؟ فكان مما قاله: «التأويل إنما ينفع في مواضع احتمال اللفظ لمعان عديدة، وهجران الحقيقة إلى المجاز في الكلام لا يصح إلا إذا قامت القرائن المانعة من إرادة الحقيقة، وكانت تلك القرائن قطعية، ولا بد أيضًا من مناسبة بين المعنى المنتقَل منه والمعنى المنتقَل إليه»[(846)] اهـ.

وعقّب الحافظ السبكي في السيف الصقيل على كلمة ينقلها عن ابن قيم الجوزية تلميذ ابن تيمية الحراني، وعبارته: «قال (ابن القيم): «وقضى -يعني جهما- وشيعته الذين هم الأشعرية بزعمه بأن الله كان معطلا، والفعل ممتنع بلا إمكان ثم استحال وصار مقدورا له من غير أمر قام بالديان»، فقال السبكي: «مقصوده أن الله ما زال يفعل، وهذا يستوجب القول بقدم العالم وهو كفر» اهـ.

ثم عقب الشيخ محمد زاهد الكوثري على قول السبكي: «وهذا يستوجب القول بقدم العالم» اهـ، بقوله: «وهذا الاستلزام بيّن، وما يقال من أن لازم المذهب ليس بمذهب إنما هو فيما إذا كان اللزوم غير بيّن، فاللازم البيّن لمذهب العاقل مذهب له، وأما من يقول بملزوم مع نفيه للازمه البيّن فلا يعد هذا اللازم مذهبا له، لكن يسقطه هذا النفي من مرتبة العقلاء إلى درك الأنعام، وهذا هو التحقيق في لازم المذهب، فيدور أمر القائل بما يستلزم الكفر لزوما بيّنا بين أن يكون كافرا أو حمارا»[(847)] اهـ.

وكلمة الشيخ الكوثري هنا على سبيل التهكم لا على سبيل التقرير كما هو واضح للمتأمل في السياق.

وقد جعل الشارع قانونا للكلمات العربية به تعرف المعاني وتفهم المقاصد كما تقدم، وعليه فلا يجوز لمسلم أن يؤول كل لفظ ولو على وجه مخالف لما يقتضيه لسان العرب التي نزل بها القرآن ووقعت بها السنة فتنقلب الحقيقة اللغوية المطابقة للقواعد الشرعية معاني مجازية والاصطلاحات المحدثة كأنها حقيقة عرفية؟

وهل لمسلم أن يقول صدق فرعون في قوله: {…أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى *} [(848)]؟ فإن المراد بالرب هنا المَلِك، فهو كان كبيرهم ورئيسهم وزعيمهم الأعلى وتحت يده ملوك وسلاطين، أو أن يقول قائل: إن إبليس لم يعترض على الله تعالى في قوله: {…أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ… *} [(849)]؟ إلى غير ذلك مما جاء في النصوص الموصوفة بأنها قطعية الدلالة في سياقها وقرائنها، محسومة عند علماء الأمة المعتبرين، فيؤدي ذلك إلى الفوضى العارمة ونسف العمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإذا لانقلبت المفاهيم وضاعت المعايير، ولما حكم العلماء في الماضي على أحد بالقتل بسبب ردته.

وقد (أحرق علي بن أبي طالب رضى الله عنه من ادعى له الإلهية، وقد قتل عبد الملك بن مروان الحارث المتنبي وصلبه، وفعل ذلك غير واحد من الخلفاء والملوك بأشباههم، وأجمع علماء وقتهم على صواب فعلهم، والمخالف في ذلك من كفرهم كافر، وأجمع فقهاء بغداد أيام المقتدر من المالكية وقاضي قضاتها أبو عمر المالكى على قتل الحلاج وصلبه لدعواه الإلهية والقول بالحلول، وقوله: «أنا الحق»، مع تمسكه في الظاهر بالشريعة، ولم يقبلوا توبته، وكذلك حكموا في ابن أبى العزافير، وكان على نحو مذهب الحلاج بعد هذا أيام الراضي بالله وقاضي قضاة بغداد يومئذ أبو الحسين ابن أبي عمر المالكي، وقال أبو حنيفة وأصحابه: من جحد أن الله تعالى خالقه أو ربه أو قال: ليس لي رب فهو مرتد)[(850)].

قال الجرجاني: «اللازم ما يمتنع انفكاكه عن الشىء، واللازم البين هو الذي يكفي تصوره مع ملزومه في جزم العقل باللزوم بينهما، كالانقسام بمتساويين للأربعة، فإن من تصور الأربعة وتصور الانقسام بمتساويين جزم بمجرد تصورهما بأن الأربعة منقسمة بمتساويين، وقد يقال: البين على اللازم الذي يلزم من تصور ملزومه تصوره ككون الاثنين ضعفا للواحد، فإن من تصور الاثنين أدرك أنه ضعف الواحد ، والمعنى الأول أعم لأنه متى كفى تصور الملزوم في اللزوم يكفي تصور اللازم مع تصور الملزوم، فيقال للمعنى الثاني اللازم البين بالمعنى الأخص، وليس كلما يكفي التصورات يكفي تصور واحد، فيقال لهذا اللازم البين بالمعنى الأعم»[(851)] اهـ.

وقال القاضي عبد النبي بن عبد الرسول الأحمد نكري: «ثم البين نوعان، بين بالمعنى الأخص، وبين بالمعنى الأعم. أما اللازم البين بالمعنى الأخص فهو الذي يلزم تصور الملزوم تصوره، ككون الاثنين ضعف الواحد، فإنه من تصور الاثنين أدرك أنه ضعف الواحد.

وأما اللازم بالمعنى الأعم فهو الذي يكفي تصوره مع تصور ملزومه في جزم العقل باللزوم بينهما كالانقسام بمتساويين للأربعة، فإن من تصور الأربعة تصور الانقسام بمتساويين، جزم بمجرد تصورهما بأن الأربعة منقسمة بمتساويين، وإنما كان اللازم البين بهذا المعنى أعم منه بالمعنى الأول لأنه متى كفى تصور الملزوم في اللزوم يكفي تصور اللازم مع تصور الملزوم، وليس كلما يكفي التصور أن يكفي تصور واحد»[(852)] اهـ.

الثاني: أن يقال: إن اللازم إن كان غير بيّن أي كان خفيا ، فهذا يصح القول فيه إنه يحتمل أن لا يكون قائله ملتزما بذلك اللازم لوقوع الاشتباه أو الإشكال في المفردات المستعملة، وفي هذا وقع الخلاف: هل لازم المذهب مذهب أم أنه ليس مذهبا لقائله، وهو ما يمكن إلحاقه باللفظ الظاهر أو الكناية ، وهو ما يقع فيه النظر في فهم مراد قائله إما بالقرائن والأدلة أو بإفصاح من القائل نفسه عن مراده، ولا يقدم القاضي عندما يرفع إليه أمره على حمل كلامه على المعنى الفاسد إلا أن يتبين أنه يريد فعلا ذلك المعنى، وكذلك غير القاضي، ولا يكون ذلك إلا حيث وقع الاحتمال، ولا يتصور عاقل أن يقع مثل هذا الخفاء والإشكال في جميع الكلام مهما كان، بل من زعم ذلك كان مكابرا للواقع، بل ربما ألحقوا كلامه بمن يتحدث حالة نومه أو كما سبق في كلام الكوثري.

قال الجرجاني: «واللازم الغير البين: هو الذي يفتقر جزم الذهن باللزوم بينهما إلى وسط كتساوي الزوايا الثلاث للقائمتين، لا يكفي في جزم الذهن بأن المثلث متساوي الزوايا للقائمتين، بل يحتاج إلى وسط وهو البرهان الهندسي»[(853)] اهـ.

وقد جاء في الحديث الصحيح: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت» [(854)] اهـ.

ولذلك ينبغي التنبه إلى أن الخلاف إنما قام في اللازم الخفي لا غير، وهذا ما بينه ابن أمير الحاج في التقرير والتحبير في بحث مطول، وفيه قال: «وظهر من هذه الأمثلة للإشارة السالمة من التعقب أنها أي الإشارة الدلالة الالتزامية للمعنى المراد من اللفظ التي لم تقصد بسوقه، ويحتاج الوقوف عليها إلى تأمل، ومن ثمة قال: وإن خفي اللزوم حتى احتاج إلى تأمل، وجرى فيه خلاف ، لأن الفقهاء لا يشرطون في الالتزامية اللازم البين، فضلا عنه بالمعنى الأخص بل الثبوت في نفس الأمر احتاج إلى تأمل»[(855)] اهـ.

وهو ما ينبغي أن يكون البحث فيه عند الكلام على الدلالة حيث قالوا فيها: (الدلالة كون الشىء بحالة يلزم من العلم به العلم بشىء آخر، ودلالة اللفظ على معناه مطابقة، وعلى جزئه تضمن ، وعلى لازمه الذهني التزام)[(856)]، ذلك أن: (الدلالة اللفظية الوضعية هي كون اللفظ بحيث متى أطلق أو تخيل فهم منه معناه للعلم بوضعه، وهي المنقسمة إلى المطابقة والتضمن والالتزام.

لأن اللفظ الدال بالوضع يدل على تمام ما وضع له بالمطابقة، وعلى جزئه بالتضمن ، وعلى ما يلازمه في الذهن بالالتزام، كالإنسان فإنه يدل على تمام الحيوان الناطق بالمطابقة، وعلى جزئه بالتضمن، وعلى قابل العلم بالالتزام)[(857)].

يوضح ذلك بالمثال أن يقال: (إن دلالة اللفظ على المعنى تنحصر في ثلاثة أوجه:

وهي المطابقة والتضمن والالتزام، فإن لفظ البيت يدل على معنى البيت بطريق المطابقة، ويدل على السقف وحده بطريق التضمن، لأن البيت يتضمن السقف لأن البيت عبارة عن السقف والحيطان، وكما يدل لفظ الفرس على الجسم، إذ لا فرس إلا وهو جسم، وأما طريق الالتزام فهو كدلالة لفظ السقف على الحائط فإنه غير موضوع للحائط، وضع لفظ الحائط للحائط، حتى يكون مطابقًا، ولا هو متضمن، إذ ليس الحائط جزءًا من السقف، كما كان السقف جزءًا من نفس البيت، وكما كان الحائط جزءًا من نفس البيت، لكنه كالرفيق الملازم الخارج عن ذات السقف الذي لا ينفك السقف عنه، وإياك أن تستعمل في نظر العقل من الألفاظ ما يدل بطريق الالتزام، لكن اقتصر على ما يدل بطريق المطابقة والتضمن، لأن الدلالة بطريق الالتزام لا تنحصر في حد، إذ السقف يلزم الحائط، والحائط الأس، والأس الأرض، وذلك لا ينحصر)[(858)].

ولذلك قال التفتازاني: «وتحقيق ذلك أن المعتبر في دلالة الالتزام عند علماء الأصول والبيان مطلق اللزوم عقليا كان أو غيره، بيّنا كان أو غير بيّن ، ولهذا يجري فيها الوضوح والخفاء، ومعنى الدلالة عندهم فهم المعنى من اللفظ إذا أطلق بالنسبة إلى العالم بالوضع، وعند المنطقيين متى أطلق، فلهذا اشترطوا اللزوم البيّن بالنسبة إلى الكل» [(859)] اهـ.

ومعنى ذلك أن الدلالة عند أهل الأصول والبيان هي ما يفهم من اللفظ إن كان إطلاقه بالنسبة إلى من يعلم ذلك اللفظ بأصل الوضع، سواء كان اللزوم بيّنا أو غير بيّن، كما قال التفتازاني، وأما أهل المنطق فالدلالة عندهم معتبرة كلما أطلق اللفظ، ولا يقيدونه بالعلم بالوضع، فلذلك يشترطون كون لزوم الدلالة بيّنا، فإن كان غير ذلك، أي لا بيان في اللزوم، لم تعتبر دلالته عندهم، ومقتضى ذلك أن المناطقة لا يعتبرون من لزوم الدلالة إلا ما لا خفاء فيه، بخلاف الأصوليين فإن العبرة عندهم بمطلق اللزوم شريطة العلم بالوضع، هذا هو المراد بالعبارة.

وقال الجلال المحلي في شرحه على جمع الجوامع: «(قوله: الذهني) بحث فيه الناصر بأن تقييد اللازم بالذهني خروج عن الأصول إلى فن المنطق ، لأنه مبني على أن المراد بالدلالة التي هي المقسم كون اللفظ بحيث مهما أطلق بعد العلم بالوضع فهم منه المعنى كما تقول المناطقة لا كونه إذا أطلق بعد العلم بالوضع فهم منه المعنى كما تقول الأصوليون والبيانيون، ومن ثم ترك ابن الحاجب التقييد بذلك وضعف القول به فقال: وغير اللفظي التزام، وقيل: إذا كان ذهنيا، وأجاب بأن اللازم الذهني له معنيان:

أحدهما: ما يمتنع انفكاك تعقله عن تعقل المسمى وهو اللازم البين عند المطابقة، وهذا هو المختلف في اشتراطه بين المناطقة وغيرهم.

والثاني: ما يلزم من حصول المعنى الموضوع له في الذهني حصوله فيه، إما على الفور أو بعد التأمل في القرائن، وهذا مراد من قيد به من أهل الأصول والبيان لا الأول، وإلا لخرجت معان كثيرة في المجازات والكنايات عن المدلولات الالتزامية»[(860)] اهـ.

وقال عبد الرحمـن البناني المغربي: «قوله: (لجزئه المدلول) أي المدلول عليه باللفظ فهو من باب الحذف والإيصال. قوله: (الذهني) لم يرد به ما لا يمكن انفكاكه عن الملزوم، وهو الذي يلزم من تصور ملزومه تصوره، وهو اللازم البين بالمعنى الأخص عند المناطقة ، بل مطلق اللازم سواء تصور بعد الملزوم بلا مهلة أو بعد التأمل وإعمال الفكر»[(861)] اهـ.

الثالث: مَنْ مِنَ العلماء بيّن هذا التفصيل؟

فإن قال قائل: من أين لك هذا التفصيل، ومَنْ مِنَ العلماء بيّنه؟

أقول: تتابع شراح مختصر خليل بن إسحاق الجندي في الفقه المالكي على التنبيه لهذا القيد، اعتبارا من الشيخ محمد عليش الذي جرى كثير من الشراح على اختصار كلامه أو التعقيب عليه من باب مزيدٍ من الإيضاح، ونصه: «وسواء كفر بقول صريح في الكفر، كقوله: أكفر بالله أو برسول الله أو بالقرآن أو الإله اثنان أو ثلاثة أو المسيح ابن الله أو العزيز ابن الله أو بلفظ يقتضيه أي يستلزم اللفظ الكفر استلزاما بينا ، كجحد مشروعية شىء مجمع عليه معلوم من الدين ضرورة، فإنه يستلزم تكذيب القرآن أو الرسول، وكاعتقاد جسمية الله وتحيزه، فإنه يستلزم حدوثه واحتياجه لمحدث ونفي صفات الألوهية عنه جل جلاله وعظم شأنه»[(862)] اهـ.

وقال في موضع آخر: «ويكفر من ذهب مذهب القدماء من أن في كل جنس من الحيوان نذيرا أو نبيا حتى من القردة والخنازير والدواب والدود وهذا يستلزم وصف الرسل عليهم الصلاة والسلام بصفات البهائم الذميمة وهذا يوجب القتل بلا استتابة إلا أنه تقرر أن لازم المذهب غير البين ليس بمذهب» [(863)] اهـ. وفي موضع آخر قال: «لازم المذهب ليس مذهبا إذا لم يكن بينا» [(864)] اهـ.

وهذا الشيخ محمد الدسوقي في حاشيته على الشرح الكبير يقول: «قوله: (بصريح) أي بقول صريح في الكفر، قوله: (أو لفظ يقتضيه) أي يقتضي الكفر أي يدل عليه سواء كانت الدلالة التزامية كقوله: الله جسم متحيز، فإن تحيزه يستلزم حدوثه لافتقاره للحيز، والقول بذلك كفر أو يتضمنه، كما إذا أتى بلفظ له معنى مركب من كفر وغيره، كقوله: زيد خداي[(865)]، إذا استعمله في الإله المعبود بحق، ولأجل هذا التعميم عبر بيقتضيه دون يتضمنه لإيهامه أن المعتبر في اللفظ دلالة التضمن فقط.

قوله: (كقوله: الله جسم متحيز) أي وكقوله: العزير أو عيسى ابن الله.

قوله: (أو فعل يتضمنه) إسناد التضمن للفعل يدل على أن المراد هنا الالتزام لا حقيقة التضمن الذي هو دلالة اللفظ على جزء المعنى الموضوع له.

قوله: (ويستلزم الخ) أي وأما قولهم : لازم المذهب ليس بمذهب فمحمول على اللازم الخفي»[(866)] اهـ.

كما يعقب في موضع آخر ليقول: «(قوله: أو فرعون) أي أو غزوة بدر أو أحد أو صحبة أبي بكر، (قوله: لأنه تكذيب للقرآن) أي فوجود ما ذكر معلوم بالضرورة من الدين يجب الإيمان به، لأن إنكاره يؤدي لتكذيب القرآن، لا يقال هذا ظاهر في إنكار غير صحبة أبي بكر لا فيها، لأن قوله تعالى: {…إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ… *} [(867)]، وليس فيه تعيين له، لأنا نقول انعقد إجماع الصحابة على أن المراد به أبو بكر، والحق أن إنكار وجود أبي بكر ردة، لأنه يلزم من إنكار وجوده إنكار صحبته لزوما بينا، وقد علمت أن قولهم: لازم المذهب ليس بمذهب في اللازم غير البين ، كذا قرر شيخنا»[(868)] اهـ.

وهذا الشيخ أحمد الصاوي يشرح: «قوله: (أو فعل يتضمنه) إسناد التضمن للفعل، يدل على أن المراد به هنا الالتزام لا حقيقة التضمن الذي هو دلالة اللفظ على جزء المعنى الموضوع له، فلذلك قال الشارح: أي يستلزمه، ولا يرد علينا قولهم: لازم المذهب ليس بمذهب لأنه في اللازم الخفي ، وعبّر أولا بيقتضيه وثانيا بيتضمنه تفننًا»[(869)] اهـ.

وقال محمّد الخرشيّ المالكيّ: «قولُه: (إلا أن يقال: لازمُ المذهب ليس بمذهب) ظاهره ولو بينا مع أنّ اللازم إذا كان بيّنا يكون كفرا ، ولا يخفى أنّ اللازم هنا بيّن فليُنظر ذلك»[(870)] اهـ.

وذلك تعقيبا على قول صاحب المتن الذي يقول: «وكذلك من اعتقد أنّ في كلّ جنس من أجناس الحيوانات من القردة والدّود ونحوهما نذيرا أي: نبيّا، فإنّه يكفر لأنّه يؤدّي إلى أنّ جميع الحيوانات تكون مكلّفة، وهذا يخالف الإجماع وأن توصف أنبياء هذه الأصناف بصفاتهم الذّميمة، وفيه من الازدراء على هذا المنصب المنيف ما فيه مع إجماع المسلمين على خلافه، وتكذيب قائله، والمراد بالأمّة في قوله تعالى: {…وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ *} [(871)] المكلّفون وما تقدّم من التّعليل يقتضي القتل بلا استتابة إلا أن يقال: إنّ لازم المذهب ليس بمذهب»[(872)] اهـ.

وفي هامش إدرار الشروق على الفروق عند كلامه على البسملة أي إن قال بسم الله إلخ عند شرب الخمر ونحوه قال: «ومنع علة التكفير إذ لم يتهاون ولم يستحل فإنه المعين على الخير والشر، على أنا لو سلمنا أن الاستعانة والتبرك به -أي بالله- لا تتصور إلا فيما فيه إذنه ورضاه فهو أمر لم يقصده، وإنما هو لازم لما فعله، ولازم المذهب ليس بمذهب إذا لم يكن اللزوم بينا كما هنا» [(873)] اهـ. وذلك أن الشخص قد يقصد عند تلفظه بالبسملة أن يخلص من ضرر الخمر، ولا يخطر له التبرك بالبسملة حال كونه يشرب الخمر الذي تعلم حرمته من الدين بالضرورة.

وقال الشيخ حسن العطار في حاشيته على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع: «لازِمَ المَذهَب لا يُعَدُّ مَذهَبا إلا أَن يكونَ لازما بَيِّنا فَإِنَّهُ يُعَدُّ»[(874)] اهـ.

وقال في موضع آخر: «(مهمّتان) الأولى: قولهم لازم المذهب ليس بمذهب، مقيّد بما إذا لم يكن لازما بينا.

الثّانية: التّكفير بالعقائد لا سيّما مسألة الكلام أمر مستفيض فيه النّزاع بين الأئمّة من قديم الزّمان حتّى نقل السّيوطيّ في شرح التّقريب أنّ القائل بخلق القرآن يكفر، نصّ عليه الشّافعيّ واختاره البلقينيّ ومنع تأويل البيهقيّ له بكفران النّعمة، فإنّ الشّافعيّ قال ذلك في حقّ حفص الفرد لمّا أفتى بضرب عنقه، وهذا ردّ للتّأويل»[(875)] اهـ.

ومن الأمثلة على وضوح اللازم وعدم انفكاكه ما قالوه في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ *} [(876)]: (فإن {…اصْطَفَى} في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ} يدل على الفاصلة، وهي العالمين لا باللفظ بل بالمعنى، لأنه يعلم أن من لوازم اصطفاء شىء أن يكون مختارا على جنسه، وجنس هؤلاء المصطفين العالمون)[(877)].

و(كدلالة {…فَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ… *} [(878)] على تحريم الضرب، فإن المعنى العباري له تحريم خطاب الولد للوالدين بهذه الكلمة الموضوعة للتبرم والتضجر، ثم ينتقل منه إلى المقصود بالنهي الذي لأجله تثبت الحرمة، وهو الأذى وتثبت بدلالته حرمة ضربهما أو شتمهما بطريق أولى من حرمة التأفيف لهما نظرا إلى علة تحريمه المفهومة لكل واحد ممن يعرف اللغة وهو الإيذاء، فإن الإيذاء فيهما فوق الإيذاء بالتأفيف)[(879)].

وأما الالتزام فيحتاج إليه عند خفاء اللزوم لا عند كون اللازم بينا، ويكشف عن هذا أكثر ما قالوه في تعريف الإقرار أنه (إظهار الالتزام بما خفي أمره)[(880)]. وفي المحصلة يتلخص ما يلي:

قال الشيخ الكشميري: «والحاصل في مسئلة اللزوم والالتزام:

– أن من لزم من رأيه كفر لم يشعر به، وإذا وقف عليه أنكر اللزوم وكان في غير الضروريات وكان اللزوم غير بين فهو ليس بكافر، – أي إن لم يلتزمه -.

– وإن سلم اللزوم وقال: إن اللازم ليس بكفر، وكان عند التحقيق كفرا فهو إذن كافر»[(881)] اهـ. فاللازم البين قول لقائله، كقول المعتزلة: عالم بلا علم، لازمه بيّن، لزوم الفساد فيه بيّن، لأنه كقول: ليس بعالم، عالم بلا علم مثل قول: الله ليس بعالم.

قال الحافظ السخاوي ناقلا عن شيخه الحافظ ابن حجر العسقلاني: «والذي يظهر أن الذي يحكم عليه بالكفر من كان الكفر صريح قوله، وكذا من كان لازم قوله وعرض عليه فالتزمه[(882)]، أما من لم يلتزمه وناضل عنه فإنه لا يكون كافرا ولو كان اللازم كفرا، وينبغي حمله على غير القطعي ليوافق كلامه الأول، وسبقه ابن دقيق العيد فقال: الذي تقرر عندنا أن لا نعتبر المذاهب في الرواية إذ لا نكفر أحدا من أهل القبلة إلا بإنكار قطعي من الشريعة» [(883)] اهـ. ومثله في التقرير والتحرير لابن أمير الحاج في بحث مطول[(884)].

وكل هذا إنما هو من حيث بيان القواعد والأصول قبل الدخول بصلب وفحوى وخصوص ما جعلت له هذه الرسالة، وعلى ما تقدم ينكشف أن مذهب أهل السنة والجماعة جلي بحمد الله ليس فيه تسرع ولا تعميم، وأن التوسط والإنصاف في بيان المكفرات والتكفير للأفراد بضوابطه هو منهجهم المعروف.

وبذلك نكون قد وفيّنا بذكر المقدمات الأربع التي كنا نحتاج إلى بيانها قبل الشروع ببيان المطالب التي تتعلق بالأصل الذي وضعت له هذه الرسالة. وأما المطالب فهي على التالي:

ـ[829]   تهذيب اللغة (13/150).

ـ[830]   معجم مقاليد العلوم (ص/94).

ـ[831]   تهذيب اللغة (4/154)، والمصباح المنير (ص/127).

ـ[832]   سورة الفرقان: جزء من الآية 77 .

ـ[833]   بتصرف من تهذيب اللغة (13/150 – 151).

ـ[834]   معجم مقاليد العلوم (ص/78)، والتعاريف (ص/675 – 676)، والتعريفات (ص/293 – 294).

ـ[835]   بتصرف من البحر المحيط في أصول الفقه (1/422).

ـ[836]   رواه ابن الجارود في المنتقى بلفظ «وكان إذا ذهب لحاجته أبعد في المذهب» (1/19)، (27)، كتاب الطهارة، باب ما جاء في التباعد للخلاء.

ـ[837]   بتصرف من لسان العرب (1/393 – 394).

ـ[838]   التعاريف (ص/ 646).

ـ[839]   سورة الأنبياء: جزء من الآية 22 .

ـ[840]   سورة الأنعام: جزء من الآية 76 .

ـ[841]   التعاريف (ص/ 646 – 647)، والتعريفات (ص/265).

ـ[842]   مراحل السالكين لبهاء الدين الخزامي الصيادي (ص/70)، وسبق هذه الكلمات قوله: «ولا تغتر أيها المحب بقول من يقول: إن هذه الكلمات من أمور القلب، فذلك جهل أو عناد» اهـ.

ـ[843]   سورة يونس: جزء من الآية: 32 .

ـ[844]   نقلها الشيخ بهاء الدين الصيادي في المصدر السابق (ص/70 – 71).

ـ[845]   بتصرف من كتاب سيرة العلامة المجاهد الشيخ محمد الحامد لعبد الحميد طهماز (ص/130).

ـ[846]   السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل لتقي الدين السبكي يرد به على نونية ابن القيم، وعليه تعقيبات وتكملة الرد على هذه النونية بقلم محمد زاهد الكوثري (ص/31).

ـ[847]   سورة النازعات: 24 .

ـ[848]   سورة الأعراف: جزء من الآية 12 .

ـ[849]   الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض (2/296 297)، فصل هذا حكم من صرح بسبه وإضافة ما لا يليق بجلاله.

ـ[850]   التعريفات (ص/244)، وبأخصر منه في التعاريف (ص/615).

ـ[851]   دستور العلماء (3/112).

ـ[852]   التعريفات (ص/244)، وبأخصر منه في التعاريف (ص/615).

ـ[853]   أخرجه البخاري في صحيحه (5769): كتاب الأدب: باب إذا لم تستح فاصنع ما شئت، من حديث أبي مسعود، وابن حبان في صحيحه (607): كتاب الرقائق، باب الحياء، من حديث أبي مسعود.

ـ[854]   التقرير والتحبير (1/143).

ـ[855]   الحدود الأنيقة (ص/25).

ـ[856]   التعريفات (ص/140).

ـ[857]   المستصفى في علم الأصول لأبي حامد الغزالي (ص/25).

ـ[858]   شرح التلويح على التوضيح (1/245).

ـ[859]   حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع (1/51).

ـ[860]   حاشية البناني (1/175).

ـ[861]   منح الجليل (9/205 – 206).

ـ[862]   1 منح الجليل شرح مختصر خليل (9/209).

ـ[863]   منح الجليل شرح مختصر خليل (9/241).

ـ[864]   خداي كلمة فارسية، ومعناه إله.

ـ[865]   حاشية الدسوقي على الشرح الكبير (4/301).

ـ[866]   سورة التوبة: جزء من الآية 40 .

ـ[867]   حاشية الدسوقي (4/303 – 304).

ـ[868]   بلغة السالك لأقرب المسالك للشيخ أحمد الصاوي (4/224).

ـ[869]   شرح مختصر خليل للخرشي (23/؟/ 104 – 105).

ـ[870]   سورة فاطر: جزء من الآية 24 .

ـ[871]   شرح مختصر خليل للخرشي (23/ص103).

ـ[872]   الفروق مع هوامشه لأبي العباس أحمد بن إدريس الصنهاجي القرافي (1/240).

ـ[873]   حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع (2/426).

ـ[874]   حاشية العطار على شرح الجلال المحلي على جمع الجوامع (4/249).

ـ[875]   سورة آل عمران: الآية 33 .

ـ[876]   كتاب الكليات (ص/306 – 307).

ـ[877]   سورة الإسراء: جزء من الآية 23 .

ـ[878]   التقرير والتحبير (1/144).

ـ[879]   التعاريف (ص/83).

ـ[880]   إكفار الملحدين والمتأولين في شىء من ضروريات الدين للمحدث الشيخ محمد أنور شاه الكشميري المتوفى سنة1352هـ (ص/73).

ـ[881]   أي عرض عليه اللازم فقبله، بأن قيل له: هذا يلزم منه كذا تقبل ذلك، فقال: أقبل، وكان ذلك اللازم كفرا.

ـ[882]   فتح المغيث شرح ألفية الحديث للشيخ محمد بن عبد الرحمن السخاوي (1/334).

ـ[883]   التقرير والتحبير لابن أمير الحاج (3/404).

ـ[884]   المعجم الوسيط، إبراهيم مصطفى أحمد الزيات حامد عبد القادر محمد النجار (1/520).

تحقيق حول من هم أهل القبلة

تذكير بماهية الجسم والمكان والجهة

الدعاء لي ولوالديا بالخير بارك الله فيكم